Monday, April 21, 2014

مقتطفات عشوائية من كتاب الانسان المهدور.

في هذا الشهرو مع هذه الدراسة التحليلة لسيكولجية الانسان العربي, ننقل لكم مقتطفات لامست شيئا من عقولنا.
متمنين لكم الفائدة.

14 comments:

فاطمة جابر said...

ما قبل الديموقراطية الاعتراف بالإنسـان


يُعرّف تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002 التنمية على " أنها تنمية الناس، ومن قِبَل الناس، ومن أجل الناس" فالإنسان هو الأساس وهو الهدف وهو الوسيلة في كل تنمية.
جاعلًا بذلك تنمية تمكين الناس رجالا ونساءً وأطفالًا منطلق أي تنمية ممكنة.
الإنسان هو الأساس في المجتمعات المتقدمة. التنمية الإنسانية ببساطة تكمن في عملية توسيع نطاق خيارات الناس في جميع ميادين سعي الإنسان، من خلاب تمكين الناس جميعًا من المشاركة بفعالية في التأثير على العمليات التي تشكل حياتهم.
ويتم هذا التمكين من خلال تحريرهم من الحرمان بجميع أشكاله وخصوصًا الحرمان من الحرية ومن المعرفة. بذلك يتمكن الإنسان العربي من السيطرة على زمام مصيره، وصولًا إلى صنــاعة هذا المصير.
خلق مستقبل للجميع، يسهم في بنائه الجميع.
وهذا يعني- كما يذكر التقرير- التحول من دولة الصالح العام إلى واقعٍ يقوم على الحق في (دولة صالحة للعيش).

ولكن الواقع العربي الحالي هو دون هذه الحالة ( حالة التحويل والتبديل وخلق المستقبل) إلى حدٍ كبير، حيث تشهد الإنتاجية الكلية لعناصر الإنتاج في العالم العربي انخفاضًا مستمرًا.

ويرجع التقرير سبب هذا الإنخفاض إلى أن أقل من 10% من سكان البلدان العربية يمكن تصنيفهم في فئة الرفاه الإنساني ( أي يتمتعون بمختلف أنماط الحريات الأساسية) بينما يقع الـ 90% دون حدّ الرفاه أي دون مستوى احترام إنسانية الإنسان.

كيف يمكن إنجاز نهضة وتنمية في حالة كهذه؟! وهل من عجب من تعثّر بل وتدهور كل مخططات التنمية وما هُدر فيها من أموال وموارد؟

من جهة أخرى يعرّف التقرير الحكم الصالح بأنه: " الحكم الذي يعزز ويدعم ويصون رفاه الإنسان، ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم وحرياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا سيما بالنسبة لأكثر أفراد المجتمع فقرًا وتهميشًا" وهناك من يذهب أبعد من مفهوم الحكم الصالح ويطوره إلى مفهوم (الأمن الإنساني) وهو الذي يتمثل في التحرر من الخوف، والقضاء على ثقافة الخوف، ومقاومة مصادرة حقوق الأفراد، جاعلًا من آليات ووسائل هذه المقاومة، وهذا التحرر هو الأساس في بناء قدرات الإنسان.

يتلخص كل ما ذكرناه من
الاعتراف بحق الإنسان بالكيان، وصيانة حرمة هذا الإنسان وتأمينه من الحاجة والخوف كشرطٍ مسبق لبناء الاقتدار الإنساني الذي يشكل نواة أي إنجاز أو إنتاج أو تقدم أو تنمية.
يتلخص كل هذا في قولنا:

الإنسان أولًا وفي الأساس، والاعتراف بإنسانيته كمنطلق ومآل ووسائل. وكل ما عدا ذلك جهدٌ مهدور وأملٌ ضائع.

فاطمة جابر said...

القهر والهدر

الإنسان المقهور هو المغلوب ع امره
والذي لايملك زمام أمره ولايستطيع التحكم في مصيره واتخاذ قراره.

الهدر

الانسان المهدور..
هو أوسع مدى من القهر والذي يستوعب إحدى حالاته
ويتفاوت من حيث الشدة حيث يصبح هدر الدم واستباحة حياة الاخر وانه لاقيمة له وإمكانية التصرف فيه.

فاطمة جابر said...

لطالما تم ربط التنمية والتقدم بالديموقراطية وحضورها، وتم ربط التخلف والتقهقر بغيابها. وقد اعتبر تقرير التنمية السابق أن الحرية هي الشرط اللازم لتحقيق التنمية.

لقد تكاثرت الشعارات والأدبيات في هذا الموضوع في العالم العربي حول فداحة غياب الديموقراطية، وتشخيص مشكلات التخلف والتقهقر على أنها وليدة هذا الغياب. ومن الغريب أن الأمور لازالت على حالها، رغم تشخيص الداء ووصف الدواء الناجع له. ولقد كاد هذا الحديث يصبح مبتذلًا لكثرة تكراره وانتشاره. والأدق القول إن الكلام فيه كاد يفقد دقة الدلالة وكثافة المعنى. ما دام يتحول إلى شعارات مجردة تتساهل بشأنها السلطات وكأن لسان حالها يقول: دعهم يتساجلون ويتجادلون ويتنادون ما دام الأمر لا يمس الكراسي، ولا يهدد المغانم ( السعودية مثال) . بل إن الكثير من السلطات تركب مركب الشعارات في نوع من المزايدة التي توفر لها الغطاء ( قطر والإمارات مثال).
فهل نحن فعلًا بصدد تشخيص دقيق وواقعي حين الحديث عن الحرية والديموقراطية؟ ألا يشير ذلك التوقف عند نقطة الشعارات والشعارات فقط، حدًا أفرغها من معناها ومضمونها وقيمتها إلى أن هناك أمورًا تأتي قبل الديموقراطية وتشكل شرطًا لها؟


باديء ذي بدء لا بد من تجاوز الشعارات. ولا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها حتى يصبح الحديث في الديموقراطية والحرية حديثا فاعلًا ومؤثرًا. ولا بد من استبدال الحديث عن انعدام الحريات وغياب الديموقراطية بالكلام في مثلث الحصـار الفعلي والمادي أي المحسوس الذي يفرض على الواقع العربي وإنسانه.
المقصود بمثلث الحصار هو: حكم المخابرات والبوليس السياسي وهو قاعدة المثلث، يتممه ويعززه ركنا العصبيات والأصوليات.
ولا بد من وقفة عند هذه الأركان لتبيان مصير الحرية والديمرقراطية، وأكثر منها مصير الإنسان ذاته في كيانه وقيمته وطاقاته الحيوية ونزوعها نحو الانطلاق.

إن دلالة الحرية ومعها الديموقراطية تكمن في تجاوز الشعارات المجردة، والتحول إلى الإدانة الفعلية لحكم المخابرات والبوليس السياسي. تلك المخابرات التي تنحرف عن مسارها ووظائفها المفترضة في حماية الوطن من أعداء الخارج، وتتوجه نحو الداخل تطارد وتستهدف الإنسان في كل موقع وفعل أو قول، بهدف حماية كراسيها. ( البحرين مثال حالي)
نجد أن هذا الهدف وهو هدف الحفاظ على الكراسي والمناصب، لعله متحقق، فهم بالفعل يحافظون على كراسيهم باتباع هذا النهج. لكنهم لا يمكن ولا بأي حال أن يحققوا إنماءً للمجتمع. ذلك أن دورهم تحول إلى حصار الإنسان وقمقمة طاقاته الحية وترويضها، من خلال التربص بالسلوك ومطاردة الفكر. وهذا هو القهر الذي تقرأون تعريفه في مشاركة هاجر.
كيف يمكن إنجاز بناء أو تحقيق تقدم أو إنماء، ما دامت المخابرات والبوليس لا همّ لها سوى خصاء الطاقات الحية في كل تعبيراتها الرافضة أو حتى المتساءلة ( أنا أرفض طريقة الحكم الحالي، أو أتساءل فقط عن كيفية هذا الحكم وماذا يقدم لي كمواطن؟) تعد هذه التساؤلات أو الأفكار لدى المخابرات تعد مما يهدد الوضع القائم.
كيف يمكن بناء معرفة علمية وعلوم متقدمة في ظل الخشية من التجرؤ على الفكر والقول الذي يهدد بقطع الأرزاق، هذا إذا لم يؤدِ إلى التهلكة؟ وكيف يمكن بالتالي إنجاز بناء أو نماء حين تصبح حماية الرأس هي الأساس؟ يبدأ الأمر بتقييد السلوك وتدجينه، وينتهي حتمًا بتدجين العقول، وحظر الفكر والتساؤل. هل هناك من مجال في عالمنا الراهن لأي إنجاز اقتصادي أو عمراني بدون التمتع باقتدارٍ معرفي، وفاعلية ذهنية متحررة؟

فاطمة جابر said...

أما الركنان الآخران، العصبيات على اختلاف ألوانها القبلية والعشائرية والأسرية والطائفية والإثنية والجهوية. والتي تفرض على أتباعها حصارًا يتمثل بثنائية الطاعة والولاء مقابل الحماية والرعاية والنصيب من الغنيمة. كما وأنه هناك عصبيات سياسية وعسكرية وإدارية ومناطقية، لا مفر للإنسان العربي من الوقوع في شباكها إذا أراد الحفاظ على مكانة أو الحصول على مورد رزق. هذه العصبيات تفرض الرضوخ والتبعية والانقياد الطفيلي لقاء الحماية والمغانم. إنها عدوة الاستقلال الذاتي والتجرؤ على الفكر وبناء كيان فريد وأصيل.
أما تزايد انتشار الأصوليات المتطرفة، فإنه يؤدي إلى توسع اتساع نطاق التحريم الذي تفرضه على الوجود في مختلف تجلياته. وتشن حربها على الجسد وطاقاته الحيوية، أو على سلوكه وحركيته، بل أساسًا على الفكر وانطلاقه ومرونته وصولًا إلى مطاردة النوايا.
هذا المثلث متحالف ومتآزر في قمع الإنسان العربي وقهره، رغم ما يبدو من صراعات بين أركانه الثلاثة على المرجعية والنفوذ. أي كل ركن يحاول أن يكون الأساس والأقوى في هيمنته على الإنسان وفكره وسلوكه.
ولا يفقد الإنسان من خلال هذا الحصار إرادته فقط، بل إن كيانه ذاته بكل ما فيه من حيوية ونزوع إلى الانطلاق والإمساك بزمام المصير هو الذي يعاق ويقهر بل ويهدر. إنه يدفع الإنسان إلى النكوص إلى مستوى حاجات السلامة والمعاش، والجري وراء توفيرها والحفاظ عليها. ولا يعود معها سيد ذاته، ولا سيد في موطنه. حتى مواطنيته تتحول في كثير من الأحيان إلى نوع من المنة. مادام يستكين إلى البقاء في القمقم.
همه أن يصله غذاؤه ويكون آمنا من البرد والجوع والألم والمعاناة. حتى لو كلفخ ذلك كرامته وذاتيته التي كرمها الله.
هنا يمكننا تذكر السنة التاريخية: النكوص هو الأرضية التي تنمو فيها حياة الذل. وليس أن حياة الذل هي قدر من أقدار المولى عز وجل.

ومع الحرب النفسية والعسكرية التي تشن على هذه الأمة، أصبح الحصار الثلاثي رباعيًا من خلال تهمة الإرهاب التي تصب على رؤوس الناس، وتدفع بهم إلى موقع المذنب الذي يتعين عليه إثبات براءته من خلال الانقياد الكامل لمشروع الهيمنة.
أنت إرهابي، ولكي تثبت عكس ذلك عليك التخلي عن كل القيم والحقوق وتنقاد.
ومع التكرار والإصرار والانتشار يتحول هذا الحصار الذي هو في أساسه حصار خارجي، إلى حصار داخلي للذات. حين يصبح المرء على نفسه رقيبًا وبوليسًا، وحين يخابر عن نزعاته وتطلعاته إلى التعبير والانطلاق. فينصب ذاته العداء، يفرض عليها التحريم والتجريم!

إننا يجب أن نعترف أولًا بإنسانية الإنسان وكيانه وحرمته وحصانته وقيمته الأولية غير المشروطة. قبل البحث عن الحرية والديموقراطية. لابد أن نطرح قضية الاعتراف بالإنسان. هل هناك حقًا في الواقع الراهن اعتراف بالإنسان بما هو قيمة وكيان؟ القينكمة والكيان اللذان يفرضان بالبداهة حرمة وحصانة وحقوق؟ ذلك هو لب القضية وكل ما عداه معرض لخطر التحول إلى شعارات نكتفي بها على المنابر وفي المحافل والمنتديات واللقاءات والمؤتمرات والبرامج (( الساعة الثامنز مثلًا)) شعارات تعمي وتموه وتتستر على هذا التنكر لهذا الاعتراف الأوليّ بالإنسان وكيانه.
لهذا تفشل كل مساعي الديموقراطية في عالمنا. إذ هناك ما هو دون انعدام الديموقراطية. وعندما نقول دون، يعني أنه هناك ما هو أخطر من غياب الديموقراطية والحريات والاستبداد، وهو هدر إنسانية الإنسان وعدم الاعتراف بكيانه وقيمته وحصانته. هدرٌ متعدد الأبعاد والمستويات والألوان بدءًا بهدر الدم وادعاء الحق في التصرف بكيان الإنسان، وانتهاءً بهدر الوعي والحجر على العقول، ومرورًا بهدر الطاقات الحية من خلال الحرب عليها والتفنن بأساليب قمقمتها (حبسها وتقزيمها وخنقها).

لا يمكن أن تكون هناك حرية أو ديموقراطية أو مواطنة في حالة هدر الإنسـان هذه.

فاطمة جابر said...

تحديد وتعريف الهدر:
يشيع الحديث عن الهدر المالي أو هدر الموارد على تعدد حالاتهما: من سوء إدارة، أو إنفاق على مشاريع غير مجدية، أو وضع اليد على الأموال العامة وسلبها من خلال مشاريع وهمية، أو مختلف ألوان العمليات غير المشروعة، من مثل السمسرات والصفقات التي تهدف إلى إثراءٍ غير مشروع. هذه هي الأنواع من الهدر شائعة عالميا وتاريخيًا بمقادير متفاوتة. إلا أنها في عالمنا العربي تصبح هي القاعدة، حتى أنها لم تعد تثير الفضائح ( كما في الدول المتقدمة). وقد يتخذ الهدر طابع هدر الموارد المادية،. كما قد يتخذ أشكالًا كارثية مثل الحروب التي تخاض من أجل الغلبة وفرض السيطرة، مما يستنزف الموارد والعمران والبشر على حدٍ سواء.
إلا أن الموضوع الذي يعنينا هو هدر الإنسان تحديدًا بمعنى التنكر لإنسانيته. ولم يجد المؤلف الدكتور مصطفى حجازي مفهومًا آخر لتوصيف حالة التنكر وعدم الاعتراف وأخذ المتسلطين حق التصرف بإنسانية الإنسان ومصادرتها ومطاردتها والحرب عليها وتهميشها يوى مفهوم الهدر.
ويردف قائلًا أنه وجد دومًا التشجيع من الناس على الاشتغال في هذا الموضوع. وكأن ذكر كلمة الإنسان المهدور تطلق شحنة وجودية كامنة عندهم في نوع من التفريج الذاتي، والتعبير عن واقعٍ يتم تحمله بمرارة. يتعين إذًا قبل الخوض في الهدر وألوانه، التوقف عند تعريف المصطلح.

يرد في قاموس لسان العرب أن الهدر هو: ما يُبطل من دمٍ أو غيره. أي ما يستباح ويمكن سفحه في حالةٍ من زوال حرمته التي تُحصنه ضد التعدي عليه. أما فعل هدر، يهدر، هدرًا فيعني بطل وفقد أحقيته، وبالتالي يمكن إزالته باعتباره فاقدًا للحق الذي يلزم باحترام حدوده. ومنها كذلك: أهدره السلطان أي أتاج التعدي عليه أو القضاء عليه.
من مثل ذلك القول: ذهب دم فلان هدرًا، أي باطلًا بلا ثمن. كما تعني كلمة الهدر والهادر الساقط الذي ليس بشيء. أي انعدام الكيان والقيمة. وهكذا يعني مفهوم الهدر لغويًا: الإباحة وسحب القيمة وسقوط المكانة والسماح بالتصرف في الشخص بدون موانع.


إن مساحة الهدر الإنساني تتسع من إباحة الدم وإراقته، إلى سحب قيمته مما يفقده حرمته. إلى أشكال من عدم الاعتراف بالطاقات والكفاءات أو الحق في تقرير المصير والإرادة الحرة وحتى الحق بالوعي بالذات والوجود، مما يفتح المجال أمام مختلف ألوان التسخير والتحقير والتلاعب والإساءة. وكذلك أنواع الهدر الخفي والمقنع بمختلف التبريرات. وبالتالي فالهدر للإنسان قد يكون ماديًا أو معنويًا.
ومن هنا فالهدر أكثر جذرية من القهر، ذلك أن القهر يعني أعترف بك وبكيانك لكني أقهرك وأروض إرادتك وأحدها وأخضعك، وهو أيضًا فرض قوة قهر خارجية على كيانٍ يبقى دائما في حالة رفض وتمرد داخلي من النيل من الحرية الداخلية. أي أن القهر اعتراف مشروط بكيان الآخر. أما الهدر فهو سحب الاعترلف أصلًا بقيمة الكيان الإنساني أو الوعي أو المكانة.
إننا بصدد الهدر الإنساني فيما هو دون الديموقراطية. ولا عبور للديموقراطية بدون استرداد الإنسان لحقه في إنسانيته ومكانته.
من كتابنا 
الكيان ( اللاشيء ) يقبل أن يُمارس عليه أي شيء !!!!
من كتابنا
يُوضح الكاتب إلى أهميّة الانتماء ودوره في ترشيد استهلاك الانسان وهدره ويقول : كما قد يصيب الهدر العام المواطنة والانتماء . ذلك ماتصنعه نظم الاستبداد والعولمة سواء بسواء . الانسان منتمٍ بالتعريف ، كيانه الذاتي يتحدد بإطار من الانتماء إلى وطن وأرض وثقافة . هويته الذاتية تنبني تدريجياً خلال مراحل النمو من خلال الانتماء إلى اسم وأسرة وحيَ ومدينة ومجتمع ووطن ، وصولاً إلى الانتماء إلى منطقة حضارية ، ومايليها من مدى يتمثل في الانتماء الانساني والكوني . دوائر الانتماء هذه المتدرجة في اتساعها وارتقائها هي التي توفر إحساس الانسان بأنه منغرس في المكان والزمان وبإن له كياناً تؤطره مرجعيات تجعله يشعر بالانغراس ، وبإن له جذور وبإن لديه رحبا يوفر له التحرك والامتداد وتحقيق الذات ، بمعنى صناعة وجود ممتلئ .
من كتابنا
هدر العاطفة يكمل ثلاثي هدر العقل والوعي والانتماء .

فاطمة جابر said...

ألوان الهدر ومستوياته:

يمكن على وجه العموم الحديث عن هدر عام وهدر خاص أو نوعي. أما الهدر العام فهو ذلك الذي يطال شرائح كبرى من الناس، أو حتى مجتمعات بأكملها. يدخل ضمن هذه الفئة حالات الطغيان والاستبداد وحكم المخابرات والعصبيات والأصوليات المتطرفة.
ومن ضمن الهدر العام نهب القلة للثروات وللخيرات وحرمان الغالبية منها ودفعها إلى المستوى النباتي من الوجود. ويقصد به مستوى توفير رمق العيش. وهنا يتجلى الفقر ليس كحالة اقتصادية، بل إنه يدفع بالجماعة وأفرادها إلى ما دون خط البشر وجوديًا وكيانيا. ويدخل ضمن ما يسمى بـ ( ما دون خط البشر) الأسر والتعذيب والتهجير والحصار والتصفيات الجماعية. ويمتد هدر الجسد وحرمته في هذه الحالة ليصل إلى ما يسمى بالانكسار الكياني حيث يصل الهوان بكيان المرء لمرحلة انهيار الأخلاق والحرمات ويصبح كل شيء مقبولًا في حالة استسلام وخضوع على خلفية الشعور بانعدام القيمة. فلا يعود مع ذلك للفقر نبلا ويكون المهدور في كيانه بعيدًا عن الاحتفاظ بكرامته وإباءه!
ومن حالات الهدر العام، هدر الطاقات وهدر الوعي وهدر الفكر. كلها تولد مآزق وجودية كبرى يصعب على الإنسان تحمل قلق وذعر مواجهة جحيمها. لأنه ليس من اليسير على الإنسان تحمل جحيم ألا يكون. وهنا تدخل فئة من ذوي الفكر والطاقات المهدورة في ما بين المعاناة من الاكتئاب والمرارة والتبلد، وبين التمردات الداخلية والحرب على الذات المعاقة. أما الكثرة التي تستسلم لهذا الهدر في طاقاتها فإن وعيها هو الذي يهدر، أو هي بالأحرى تكبت الوعي بهدرها، لماذا؟؟؟؟
لماذا المتعرضون للهدر يكبتون وعيهم به؟؟؟؟ ذلك لكي يحتفظوا بشيء من توازن مقبول يجعل الحياة ممكنة. ويفرحون بما قد يحظون به من فتات العيش، وتصبح مظاهر الرفاه المادي هي الأعلى شأنا وأوج ما يصبو إليه المرء.
والهدر لا يقتصر على المحرومين ماديًا، إذ حتى الميسورين والمترفين يتعرضون للهدر العام في وعيهم الإنساني. ذلك ما تحاوله العولمة تحديدًا من خلال إغراق جيل الشباب في عالم الإثارة والمتع الحسية ومظاهر الاستهلاك مزينةً على أنها غاية المنى. تختزل قيمته في رقم حساب وبطاقة ائتمان ومظاهر العيش. ومع هدر الوعي يهدر العقل ذاته باعتبار أن الوعي هو المدخل إلى التفكير والعطاء الفكري.

فاطمة جابر said...

لماذا نقرأ عن الهدر وألوانه وآلياته؟؟!!
لإن الهدر الانساني قد يكسب جولة أو جولات ، وقد ينتصر ويستمر لفترات تطول أو تقصر ، إلاّ أنه لا يتكرس بشكل نهائي . فالحياة تُجدد ذاتها : يزول مهزومون فيظهر بديل لهم ، تجدد طاقة الحياة اندفاعاتها من خلالهم ويترك الاستسلام مكانه للمواجهة والمجابهة المدفوعة بتفاؤل ظفر الحياة على الموت .

فاطمة جابر said...

نزوة الحياة تدفع الانسان إلى تحقيق ذاته ولو بالمخاطرة بالحياة في بعدها المادي ( كما هو حال المقاومين والمناضلين )

فاطمة جابر said...

متى تكون عملية الهدر قد بلغت غاية نجاحها؟؟!
في حالة الهدر الذاتي تنجح عملية حصار الطاقات والعقول والوعي وهنا تبرز آلية داخلية تغذي ذاتها من خلال الاستسلام والوقوع في حالات الاكتئاب . ولا يقتصر هذا الاكتئاب على هدر الطاقات والمبادرات كما هو معروف طبياً بل الأخطر من ذلك أنه يتحول إلى آلية للمتعة الخفية التي تتجلّى في عالمنا العربي في ثقافة ( الندب والنواح) مما يشيع في الاغاني والافلام والتلذذ بروايات المآسي !!
هنا يستسلم المهدور وتغلب نزوة الموت وإرادته على نزوة الحياة والانطلاق .
وهذا مايبرر كثير من حالات الانتحار عند مرضى الاكتئاب .

فاطمة جابر said...

ما يهدرهنامباشرة...
هو الوعي والعقل ومعهما كل معرفة فاعلة أو ذات قدرة تغييرية من هنا تأتي بذرة الاستبداد..
يذكر الكاتب تحت عنوان فرعي ( علاقة العصبية مع الخارج)
أحد أهم الأمراض التي تسببها العصبية هو مرض ( فقدان المناعة الوطنية) .. حيث ترى هذه العُصبة أو تلك الوطن مناطق للنفوذ والتهام الموارد فقط . ويصل فقدان المناعة أقصاه حين تبحث العصبيات لها عن حلفاء أو حماة خارجيين في حربها مع سواها في داخل الوطن .
وحين لا يتشكل مفهوم الوطن فإن كيانه سيتهدد ويهدر من قبل العصبيات الداخلية مما يسهل على القوى الخارجية سرقته والسطو عليه .
ويقول حول خطورة العصبية
" يصبح فعل القتل ليس مبررًا فقط، بل يرقى إلى مستوى الواجب والرسالة النبيلة”
(العصبية نظام مغلق مدفوع بدينامية الجمود والعادة والتقليد والحفاظ عليهاوبذا فهي تعيد إنتاج ذاتها….
إنها هوية ولاء وانتماء بدلاً من أن تكون هوية بناء وإنجاز...!)

فاطمة جابر said...



" لا يصبح القهر ممكنا الا بعد هدر قيمة الانسان، واستباحة حرمته وكيانه في عملية الاخضاع والاتباع".

فاطمة جابر said...

ماهي المشكلة ؟
يشترك كل من الهدر والقهر في تفاقم المأزق المتراكم بحيث يصبح الوجود غير قابل للاحتمال والمواجهة . وهو يؤدي إلى بروز كل آليات الدفاع السلبية التي تعيد إنتاج القهر والهدر من خلال تعطيل طاقات المجابهة والتغيير والنماء والإنطلاق .. ليقع الإنسان في عطالة المشروع الوجودي - الذي هو أن يكون خليفة الله ، ويعمرالأرض بما أودع الله فيه -

فاطمة جابر said...

ماهو طريق المجابهة الإيجابي ؟!
الوعي بدناميات هذه الكارثة المدمرة لكيان الإنسان:
الخارجية .. وريثما تتوفر الظروف الخارجية للمجابهة نستعد بالمجابهة الداخلية الذاتية عن طريق التفكير الإيجابي وتنمية العواطف الإيجابية ..
لفت نظري هنا .. من أساليب المجابهة " الارتباط بقضايا كبرى " له دور في فتح آفاق التحرر من الهدر والقهر !!!!
تدعو للتفكر ..

فاطمة جابر said...


يقول الباحث( أن العصبية تعرقل التنمية وهي تتضمن العديد جدًّا من القوى المقيِّدة لإطلاق الطاقات وصحة المؤسسات...
بما فيها هدر الإنسان و المؤسسات والأوطان ذاتها..ناهيك عما تحمله من فيروس العنف والاقتتال.
العصبية..
تقوم على الأحادية
ولا تقبل التنوع
كما لا تعترف بالاختلاف...
ولم يجانب (أركون) الصواب حين قال:
( أن العصبيات تقيم دولاً لكنها لا تستطيع بناء أوطان)
..(العصبيات تقدم الولاء على الإنجاز، فتهدر عملية التنمية، ولا تعود العصبية بحاجة إلى المعارف أو الأبحاث؛ ذلك أن التنمية ليست في الوارد..
على عضو العصبية أن يقدم دومًا البرهان على ولائه المتجدد وباستمرار..وإلا حلت عليه النقم محل النعم!!
فلا مكان للحوار المتكافئ والتساؤل والنقد، ناهيك عن المطالب الجريئة والطروحات المغايرة كل ذلك يعتبر تطاولاً أو على الأقل توصد الأبواب أمامه لأنه يبلبل النفوس ويهيج الخواطر ويزعزع الاستقرار …